ريادة الأعمال والعمل الحر وحاضنات الأعمال ودعم الإبداع والإبتكار
تُعرف ريادة الأعمال بأنها عملية تصميم وإطلاق مشروع أو مؤسسة جديدة؛ لتقديم خدمة أو منتج يقوم بتغطية ثغرة أو احتياج ما في الأسواق؛ فهي القدرة والاستعداد على تطوير وتنظيم مشروع ما مع التحلي بالمغامرة وتحمل المخاطرة من أجل تحقيق الربح.
- فيَتميز رائد الأعمال بروح المُبادرة والمخاطرة؛ حيث يعمل على إدراك الفجوة في الأسواق، فيكتشف حاجة المُستهلكين، ثم يقوم بالبحث عن الأفكار المختلفة التي يمكن تطبيقها لتلبية تلك الحاجة. بالإضافة إلى اكتشاف الرؤى المستقبلية لاحتياجات الأسواق، والعمل على تطوير منتجه لمواكبتها؛ إذ يتحمل المخاطر المادية والوظيفية.
- بينما يعمل المُستقل , والعامل الحر على تلبية احتياجات السوق لكن بصورة مختلفة، فيقوم المُستقل بالبحث عن فرصة عمل في تخصصه بداخل أسواق العمل المُستقرة. فهو لا يمتلك المال، ولن يتحمل المخاطرة به، فهو لن يبدأ مشروعًا أو مؤسسةً خاصة به. فقط يقوم بتلبية احتياجات أصحاب الأعمال؛ حيث يعمل لحسابه الخاص دون أن يكون تابعا لشركة أو مؤسسة ما. فيقدم خدمته للمستهلكين، ويتلقى المقابل المادي المناسب عن الخدمة التي قام بها. فهناك العديد من الاختلافات الجوهرية بين ريادة الأعمال والعمل الحر والتي منها:
ريادة الأعمال تتمثل في إيجاد فجوة في السوق
- تتمثل ريادة الأعمال في البحث عن فجوة في الأسواق، وفهم احتياجات العملاء بشكل جيد للغاية، ثم تقديم منتج لسد الفجوة الموجودة، بالإضافة إلى إشباع احتياجات العملاء. بينما يتمثل العمل الحر في البحث عن فجوة في مشروع ما، ثم يقوم المستقل بملء تلك الفجوة بواسطة مهاراته، وبالتالي استكمال المشروع. فيُعتبر المستقل هو من يُقدم الدعم لروَّاد الأعمال في محاولاتهم لإصلاح مشكلات السوق الأكبر. *بيكساباي*
ريادة الأعمال أكثر جوهرية وتعقيدًا من العمل الحر
- تُعتبر ريادة الأعمال أكثر أهمية وتعقيدًا من العمل المستقل؛ فتعتمد على الفكرة؛ في حين أن العمل المستقل يعتمد بشكل أساسي على المهارات التي يجيدها المستقل. فتبدأ ريادة الأعمال بالتفكير في مشكلة حرجة تواجه المجتمع، والرغبة في التوصل لفكرة يمكن استغلالها وتسخيرها لحل هذه المشكلة؛ ومن ثم أخذ المبادرة في تطبيقها لخدمة المجتمع، وتحقيق الكثير من الربح بنجاح المشروع.
العمل الحر يتمحور حول تحقيق الربح في المقام الأول
- بينما يعتبر العمل المستقل أبسط وأكثر مباشرةً من ريادة الأعمال، فيدور في المقام الأول حول كسب المال، دون الحاجة إلى القلق حول المشاكل الحرجة التي تواجه المجتمع أو الأسواق. فيهتم المستقل بنوعية وجودة عمله، فيقوم بتحديد سعر العمل الذي يقوم به بنفسه؛ حيث يجب عليه تسليم الأعمال المطلوبة منه في وقتٍ محدد؛ ليتسنى له الحصول على مقابله المادي.
ريادة الأعمال محفوفة بالمخاطر لكنها أكثر ربحًا
- تبدأ رحلة رائد الأعمال منذ لحظة التوصل إلى فكرة مشروعه أو مؤسسته، ومن هنا يتحمل العديد من المخاطرة؛ حيث يخاطر بماله الخاص، أو بمال المستثمرين عند بناء المشروع، كما يتحمل المخاطر الوظيفية عند فشل المشروع. لكن على الرغم من تحمل العديد من المخاطر المختلفة إلا أن ريادة الأعمال أكثر ربحًا، فتجنى ثمارها على المدى البعيد؛ إذ يستطيع رائد الأعمال كسب المال على مدار الساعة إذا حقق مشروعه النجاح المرجو.
- العمل الحر خالٍ من المخاطر
- بينما على عكس ريادة الأعمال، فيعتبر العمل المستقل خالٍ من المخاطر الوظيفية أو المالية، فيستطيع المستقل استبدال عملائه دائمًا، والبحث عن عملاء آخرين من خلال مواقع العمل الحر المختلفة. كما يحقق العمل الحر الإشباع المادي الفوري، فيحصل المستقل على المال مقابل كل عمل ينتهي من أدائه، فلا يستطيع الحصول على المال إلا على المدى القصير، ولا يمكنه تحقيق المزيد من الربح إلا بتطوير مهاراته وخبراته المختلفة.
- العمل المستقل له نتائج متوقعة
- العمل المستقل نتائجه يمكن توقعها، فدائمًا يستطيع المستقل جني المال، قد ينخفض أو يزداد هذا المال وفقًا لحجم العمل الذي يقوم به المستقل؛ لكنه لن يخسر أي جزء من المال الذي يمتلكه إطلاقًا. بينما تمتلئ ريادة الأعمال بالمفاجآت دائما، فمن الممكن أن يزدهر العمل خلال هذا الشهر، ويضمحل خلال الشهر التالي. لكن تكمن السيطرة على جزء من العمل عن طريق التنبؤ ومعرفة سلوك السوق، والاستمرار في التطور لمواكبة متطلباته.
تعتمد ريادة الأعمال على العمل الجماعي
- لن يستطيع صاحب الشركة أو مؤسس المشروع أداء كل شيء بنفسه، لذا يعتمد على بناء فريق من أفضل الموظفين في كافة المجالات التي يحتاجها المشروع، فالفريق القوي يستطيع تحقيق النجاح المرجو من المشروع، كما يمكن أن يؤدي فريق العمل الضعيف إلى إفشال المشروع وخسارته. بينما لا يحتاج العمل المستقل إلى روح الفريق، فيعمل كل شخص بمفرده لحسابه الخاص.
ريادة الأعمال تُقدم منتجا؛ بينما العمل الحر يُقدم خدمة
- تبدأ ريادة الأعمال بفكرة تمر بالعديد من المراحل؛ لتتحول في النهاية إلى منتج محدد يسد عجزا ما في الأسواق، ولن يقتصر المنتج على شيء مادي يمكن بيعه إلى المُستهلك، فتقع المنتجات الرقمية أيضًا كتطبيقات الهواتف الذكية ضمن مشاريع ريادة الأعمال. بينما يُقدم العمل المستقل الخدمات المختلفة مثل؛ خدمات تصميم مواقع الإنترنت والتصميم الجرافيكي، أو خدمات تحرير وصناعة المحتوى الرقمي، أو خدمات البرمجة أو الترجمة.
إذن.. فمن يُناسبه ريادة الأعمال ومن يناسبه العمل المستقل؟
- معظم المشاريع الجديدة لا تستطيع المنافسة وتحقيق النجاح المرجو، وبالتالي تفشل فشلًا ذريعًا. لذا فالشخص الذي يود أن يُصبح رائد أعمال لا بد من أن يمتلك الشغف، والمثابرة، وروح المبادرة، ويستطيع مغادرة منطقة الراحة الخاصة به؛ ليتحمل المخاطر المادية والوظيفية على الرغم من توافر فرص ضئيلة للنجاح.
- بينما يناسب العمل الحر من يمتلك قدرًا عاليًا من التخصص في مجال عمله. الشخص الذي لا يود الالتزام بفترات عمل محددة طوال اليوم، أو الالتزام بمكان عمل محدد داخل شركة أو مؤسسة. فيناسب العمل المستقل الأشخاص الأكثر مرونة وتقبلًا لتغير مواعيد العمل، الذين يريدون العمل بمفردهم، وأن يكونوا مسئولين عن أنفسهم. *بيكساباي*
فيعمل أغلب روَّاد الأعمال أكثر من 80 ساعة أسبوعيًا، لذلك لا بد أن يمتلك رائد الأعمال القدرة على مواصلة العمل لساعات طوال دون كلل أو ملل، كذلك لا بد أن يكون ذا شخصية اجتماعية يستمتع بالاجتماع والتحدث مع المستثمرين، ويستطيع التواصل مع العملاء المحتملين، وإلهام الموظفين. كذلك لابد أن يمتلك رائد الأعمال مجموعة واسعة من المهارات المختلفة، من بينها الإدارة المالية، والتسويق والمبيعات، والقيادة والإلهام، والقدرة على الإقناع والتحفيز.
حاضنات الأعمال ودعم الإبداع والإبتكار
الشروع في تأسيس شركة تجارية ناشئة من بدايتها قد يكون عملا فرديًا، يصاحبه الكثير من التحديات وعدم وضوح الخطوات اللازمة لنجاح هذه الشركة بسبب غياب الدعم المادي والمعنوي، والذي يتمثل في خدمات التمويل أو تقديم النصح والاستشارات، ومن هنا يأتي دور حاضنات الأعمال لتحقيق الأهداف التي يخطط لها ريادي الأعمال وحتى تضعهم تلك الحاضنات على الطريق الصحيح لتحويل أفكارهم الإبداعية لمشروعات حقيقية منتجة.
وتعدّ الحاضنات إحدى قطاعات منظومة الأعمال، والتي تقوم بمساعدة روَّاد الأعمال على تحويل أفكارهم المبتكرة لمشاريع قابلة للتطبيق، وذلك من خلال توفيرها مجموعة متكاملة من الخدمات الهادفة الى دعم وحفز الشركات الناشئة وخصوصاً في المراحل الأولى للتأسيس، وبالتالي تركيز صاحب المشروع على جوهر العمل لفترة محددة تتضاءل بعدها العلاقة لتتحول إلى مبادر جديد.
وتعتبر حاضنات الأعمال بمثابة تهيئة للبيئة المساندة والداعمة للمشاريع والأفكار الإبداعية للشباب ، والتي يتم إتاحتها وتعزيزها بآليات متكاملة لضمان نجاح مشاريعهم الجديدة، وتتمثل المدخلات الرئيسية لهذه الحاضنات في المبدعين من الشباب والجهات الممولة والداعمة، في حين تتمثل مخرجاتها في الوصول إلى مشاريع ذات جدوى اقتصادية وتقنية وإبداعية وغير تقليدية، أما عملية الاحتضان، فإنها تضم حزمة متكاملة وشمولية لكافة أنواع الدعم والمساندة التي تتطلبها المشاريع والأفكار الإبداعية الجديدة.
هذا هو السبب في أن الكثير من روّاد الأعمال الناشئين يجلبون معهم أفكارهم الخاصة إلى حاضنات ومسرعات الاعمال بهدف تسهيل إطلاق وإدارة مشاريعهم الجديدة، حيث توفر هذه الحاضنات برامج احتضان خلال السنوات الأولى الحرجة من عمر المشروع لزيادة فرصة نجاحه عبر تقديم مجموعة من الخدمات منها على سبيل المثال توفير مساحة مكتبية للعمل وتطوير خطط العمل والتعليم والتدريب والاستشارات القانونية والإدارية والتسويقية، مما يسهل على هذه المشاريع تخطي مرحلة التأسيس واختصار الوقت اللازم للانطلاق، وبالتالي التقليل من احتمالات الفشل .